أجرى الحوار: الشيخ نوح
شخصيتها الثقافية هذه المرة تطل من سوريا، شاعرة وقاصة. تمثل إلى حد الكبير حساسية الأجيال الجديدة في التعامل مع اللغة كغاية وكوسيلة للتعبير عن هموم إنسان معاصر ما فتئت تتفاقم، لا سيما في المنطقة العربية الغاطسة في بحيرة من الدخان والانفجارات.
الهم الإبداعي، وجدلية التجديد في الشكل القديم، ثم رهانات الازداجية الإبداعية في الجمع بين الشعر والقص. بعض من المحطات التي تطرقنا لها في الحوار مع ضيفتنا الشاعرة والقاصة السورية إباء الخطيب الفائزة بعدة جوائز عربية من بينها جائزة “أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب”، من مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين في الكويت 2020 عن مجموعتها الشعرية “بأي جرح ألمسك” .
1- تُتهم الشواعر العرب بأنهن لم يقدمن تجارب شعرية كبيرة ورائدة حديثا باستثناء نازك الملائكة وأسماء قليلة، هل تتفقين؟
يمكننا أن نتساءل من زاوية رؤيا أخرى لماذا عدد التجارب الشعرية النسائية والتي تبلورت كتجربة متفردة أقل من عدد تجارب الشعراء؟
ولعل هذا الجدل يحتمل أكثر من مساحة “الإجابة عن سؤال” لذا فقد كنت قد تعمقت قليلًا في هذا الطرح من خلال مقال كتبته لمجلة قوافي في الشارقة
حاولت من خلاله وضع اليد على الأسباب التي أدت لميل كفة الميزان بهذا الشكل
وفي الحقيقة لا تخفى على متتبع للحركة الشعرية العربية أهمية التجارب الشعرية للشواعر عبر العصور فمن الخنساء في الجاهلية ثم العصر الإسلامي والتي قال عنها النابغة الذبياني إنها أشعر الإنس والجان إلى ليلى الأخيلية في العصر الأموي إلى رابعة العدوية في العصر العباسي الشاعرة المتصوفة وغيرهن ممن قدمن تجارب خلدها التاريخ ومن اللافت أنه تم ذكر مئة وتسعة عشر شاعرة جاهلية في كتاب “شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام” وهو رقم كبير مقارنة بإنتاجهن الذي وصلنا
ومن خلال دراستي للأسباب فأعتقد أن السبب بكل تأكيد لا يتعلق بضعف في القدرة الشعرية للشاعرات ولا بخفوت الموهبة ولكن يكمن في عدم تحقق باقي الشروط التي تجعل من هذه الموهبة تجربة فارقة وعلامة تاريخية, يكمن أيضاً في عدم توفر البيئة الحاضنة حتى يتدفق هذا الشلال وينهمر عبر العصور
المرأة العربية فرضت عليها اجتماعيا أغراضٌ شعرية مرتبطة بالاحتشام وهذا أمر لا يمكن نكرانه فبرزت في أغراض الرثاء والمدح والبعد القومي والحب الهادئ هذا من جهة من جهة أخرى لم تتح لها الفرصة لتخوض غمار الحياة كما الشاعر الرجل الذي كلن يخوض الحروب ويتنقل بين القبائل ويواجه الحياة بمسراتها وملماتها وهذا ما يحيل بالضرورة إلى إغناء تجربته الحياتية وتجربته الشعورية ووعيه العام وبالضرورة أيضا سيؤثر ذلك في غنى تجربته الشعرية وشموليتها. فإذا لاحظت مثلا أن عنان الناطفي جارية سمح لها دخول مجالس الحاكم فوصلتنا شعريتها التي كانت بحد ذاتها لا تملك الحرية فيها وإن كانت أوفرَ حظاً من شاعراتٍ لم يسمح لهن أصلا بدخول تلك المجالس
وهذا ما يفسر مثلا ذياع صيت ولادة بنت المستكفي التي كانت تمتلك مساحة حرية أو تمرد على عادات المجتمع
التجربة الشعرية برأيي لا تحتاج فقط إلى موهبة فذة بل تحتاج إلى إغناء هذه التجربة بالخبرة والثقافة وإلى حرية تعبير مطلقة بالشكل الذي يفرد جناحي الشاعر/ة وإلى تفرغٍ وشرعيةِ حقٍ. الشاعرة في عصرنا اليوم أحوج ما تكون إليهما
2- فاز ديوانك الأول، فيما اعتقد، “بأي جرح ألمسك” بجائزة البابطين للشعراء الشباب عام 2020، ما موقفك من الجوائز بشكل عام وهل تعتبرينها مقياسا لنضج التجربة الشعرية؟
الجوائز يمكن أن تكون قيمة غنية وممكن أن تكون فارغة, هذا ما يحدده الشاعر نفسه حين يعرف متى وكيف يشارك في هذه المسابقات
لا أعتقد أن الجوائز هي من تصنع الشاعر ولا الألقاب وكم ترى في الوسط شعراء يفوزون كل يومين بجائزة ومع ذلك لا يعول على تجاربهم
بالنسبة لي وهذه نقطة مهمة باعتقادي فإني أقدم لأي مسابقة -ذات سمعة حسنة- نصي أو مجموعتي أو شعري كما هو وكما يعبر عني أنا, لذلك حين أفوز أفرح لشعوري بأن هناك من ثمّن تجربتي التي أحاول أن أطوّرها, أشعر أن القدر يصفق لطفلةٍ طموحةٍ تنظر إلى أكثر النجوم لمعاناً وهي لقب “شاعرة” وتحلم أن تكونها
وهذا شعور أظن أنه لا يشعر به من يفوز بنص أو مجموعة رسمها ولونها وقصها خصيصاً على مقاس مسابقة معينة أو توجه الجهة الراعية أو أهواء اللجنة
من الجميل أن نتعامل مع المسابقات على أنها حافز لا هاجس. ولا أخفيك أن فوز بأي جرح ألمسك وهبني هذا الشعور الجميل بالاطمئنان للدرب الذي اخترته.
3- هناك من يرون أن النص العمودي قد استنفد منذ البردوني، ولم يعد هناك تجديد وإنما اجترار وتكرار، هل توافقين؟
حتى يكون الشعر شعرا يجب أن يكون خلّاقاً, مجددّاً وباعثاً لفضاءات جديدة وتلعب في ذلك مقدرة الشاعر على عجن اللغة وإعادة تشكيلها دوراً كبيراً, ضمن القالب الشعري أيا كان الاحتمالات لا تنتهي ولن تنتهي وأنا أؤمن بحيوية اللغة العربية وبقدرة الشعرية على الانسكاب والتدفق في الشكل العمودي
وإن كثر النظّامون الذين لم يعطوا العمود حقه في إمكانية التحديث والتجديد, فهناك شعراء حلّقوا بالشطرين إلى آفاق مبتكرة.
4- تكتبين القصة القصيرة والمسرح إلى جانب الشعر، ألا يشكل ذلك انشطارا فنيا، وهل تتداخل هذه الأنواع أحيانا؟
ليست المسألة مسألة صراع أو تضاد, أترك فقط لروحي حرية التحليق حيثما أغواها التحليق
أدخل البستان الذي أعتقد أني أتنفس به حلماً جديداً وأنا ممسكة بيدي يقيني بالشعر وانتمائي له أينما حللت
من المهم أن يكون للكاتب هوية وحين يرسم لنفسه ملامحها المعبرة عن كينونته لا بأس في أن يطلق العنان لمخيلته وللتجربة المتنوعة ففيها إغناء وخبرة.
من يكتب القصة سوف يحصل منها على مكرمات لا يمكن لفرع أدبي آخر أن يمنحها له, من يكتب المسرح كذلك ومثلهما أي مجال يغنيك, يمكنك ولوجه ولكن برؤية واضحة فالتداخل العشوائي يعني عدم تصالحك مع نفسك ككاتب, أما الخلطة السحرية مثلا المخطط لها قد تكون نتائجها مسرّة.
5- قدمت بعض المشاركات الموريتانية وجها مضيئا للشعر الموريتاني خلال برنامج أمير الشعراء، بينما أخذت مشاركات أخرى من هذا الضوء أكثر مما أعطت، ما مدى اطلاعك على حقيقة الساحة الشعرية في موريتانيا؟
الحقيقة قبل مسابقة أمير الشعراء لم أكن أعلم أن الشعب الموريتاني عنده هذه المواهب الغنية والاهتمام بالشعر إلى هذا الحد.
توجد أسماء كثيرة من جيل الشباب تعرفت على بعضها وهم أصدقاء أيضا على صفحات التواصل الاجتماعي.
أتوقع أن ما ينقص القصيدة الموريتانية عموماً هو المغامرة والتنوع والاشتغال على مناخات جديدة لم نألفها من الشعراء الموريتانين سابقا ومنهم مؤخراً من التفت لذلك وعمل عليه. لكن بشكل عام يحسب لموريتانيا وشعبها هذا الاشتغال والاهتمام والحب حد الشغف.
6- ما رأيك في الشعر المترجم، وهل هناك تجربة لشاعر غير عربي تركت لديك انطباعا جيدا؟
يقول فاليري إن الأسلوب هو الإنسان. لذلك الترجمة في الشعر تفقده نصف مقوماته… وهي الأساليب التعبيرية الأصلية في اللغة الام.
مهما علت الترجمة سوف يكون هنالك انحراف عن النص الأصلي. لذلك حين اقرأ نصاً شعرياً مترجماً أتفاعل معه من جانب الفكرة وقوة معالجتها. يعجبني لوركا ورامبو.
الاسم الثلاثي: إباء مصطفى الخطيب
مواليد: ١٩٨٦ سلمية؛سوريا.
الهاتف الجوال 00963944695251
الهاتف الثابت 00963338834084
البريد الالكتروني: ebee.khatib@gmail.com
الشهادات العلمية:
– إجازة في الهندسة الزراعية ٢٠١٤ جامعة البعث. حمص.سوريا
– دبلوم تقاني في الإحصاء الصحي ٢٠٠٥ المعهد المتوسط الصحي. دمشق.
–
الجوائز والمشاركات:
جائزة شعر الشعر من نادي الباحة الأدبي الثقافي في المملكة العربية السعودية ٢٠٢١
جائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب.. من مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين في الكويت2020 عن المجموعة الشعرية: بأي جرح ألمسك .
_ التأهل للمرحلة النهائية من برنامج أمير الشعراء . أبو ظبي:٢٠١٧
– المركز الأول على الشاعرات العرب في مسابقة عشق الكلمات على قناة mbc ٢٠١٠
– جائزة منى الشافعي للقصة القصيرة في الكويت 2018
– جائزة سعود البابطين الشعرية التي اقامتها مؤسسة سعود البابطين الثقافية بالتعاون مع إذاعة صوت العرب بموسمها الخامس 2018 عن قصيدة الخنساء
– مشاركة عن فئة الآداب في احتفالات اليوبيل الماسي في البرتغال 2018
مشاركة في مهرجان الشارقة للشعر العربي عام٢٠٢٠
– المراكز الأولى في عدة مسابقات محلية وعربية:
المركز الأول في مجال القصة المخيم الثقافي العربي؛ اللاذقية.
المركز الأول في مسابقات اتحاد شبيبة الثورة القطرية في مجال الشعر .ملتقى اعرف وطنك السوري الأردني…2004
أقامت العديد من الأمسيات الشعرية داخل وخارج سوريا
المنشورات:
مجموعة شعرية بعنوان : بأي جرح ألمسك..؟! عن أكادمية الشعر في أبو ظبي2018
مجموعة قصص قصيرة بعنوان: “كما لم تحب أنثى” عن دار موزاييك للدراسات والنشر2019
قصائد شعرية في صحف ومجلات سورية وعربية.
مقالات صحفية في صحف الكترونية سورية.
مقالات صحفية في صحف الكترونية عربية
المخطوطات:
مجموعة شعرية .
مجموعة قصصية للأطفال.
أعمال مسرحية