ترجمة مِن الفرنسية إلى العربية
(الجزء الخامس والأخير)
ابير التورس – قريتي الأولى (النص المُترجَم كاملاً)
بعد قضاء عطلة مدرسية في نواحي “أبي تلميت”، عُدت إلى “ابير التورس”، لم يَعُد “فالْ لامينْ” موجودًا في المدرسة، فقد تم تحويله إلى مكان لا أعرف أين، وتم استبداله بشاب وَدود، ينحدر مِن القرية، هو “المختارْ أمُّو بن أحمدُّو بن المختار” …
لقد انتهت المشاكل… كانت السنة الثانية من الابتدائية (CP2) تبشّر ببداية جيدة، فلم أعُد، بين أطفال القرية، ذلك الطفل الخَجول القادمُ مِن البادية، لقد تخلَّصت من كل عُقَد النقص، ولم يدَّخر معلمي الجديد جهداً في أن يكون الأمر كذلك، فله مني كامل الاحترام والتقدير.
كان “ڭرَّاي” ما يزال يدرّس مادة اللغة العربية، لكنه كان أكثر تواجُداً في محظرته، حيث كان يُعلّم أشياء أكثر أهميةً من أسماء أصابع اليد الخمسة…
يُعتبر “المختار أمو”، بِحَق، من المُعلمين الموريتانيين ذوي المسيرة المهنية الأكثر استقرارًا، ففي عام 1999، أي قبل سنة من تقاعده، وجدته في نفس الفصل الذي درَّسني فيه، والذي لم يُغادره منذ لقائنا ذات صباح جميل مِن العام الدراسي 1963-1964، إنه رقم قياسي لا نظير له!
ورجوعاً إلى بعض التفاصيل، أذكُر تقليداً اجتماعياً أصبح اليوم في طي النسيان، وكان شائعًا في أوساط مجتمع “البيظان”، لا سيما في “ابير التورس”، وهو ما يسمى بـ “الأعصَار”، وهي نوادٍ مغلقةٌ تتكون من أشخاص في نفس العمر، وتُعطى أسماء ليس لها بالضرورة أية دلالة تاريخية أو ثقافية. كانت “الأعصار” تشكل إطارًا مثاليًاً للتضامن الاجتماعي بكافة أبعاده.
ما زلت أذكر أسماء بعض “الأعصار” الشهيرة في القرية مثل “أولاد دَمْبَ” و”أولاد صَمْبَ” و”مالي” و”آمْريكْ” …كان “العَصرُ” الأول يضم حوالي عشرين رجلاً تتراوح أعمارهم بين الأربعين والخمسين، وهو”عصرُ” والدي، وقد كانت خيمتُنا مقرَه الرئيسي … ومِن بين أعضاء هذا العصر : “بَبَّ بن سيدي بن التاه” و”عبد الله بن أحمدو” و”مامون بن اسلامَه” و”حمُّودي” و”مُحلِّلٌ بن الفُضيَل” و”امَّين وبن سيدي بن محمذن” و”أحمدُّو مامين” والمرحوم “محمد بابَ بن محمذن بابَ” و”أحمدو سالم بن يَيِّينْ” …
أما عصر “مالي” فقد كان من أعضائه مُعلمي “المختار أمُّو” و”عبدو بن اميَيْ” و”عبدو بن الفُضيل” و” دُودُو بن الميدَّاح” …
أما أنا وأصدقائي، فقد شكَّلنا عصر”آمْريك” لنلعب من خلاله دوراً مبكراً … كان “إبراهيم بن أمينُو” زعيمَنا بلا مُنازع، وقد كانت والدته الطيبة “عيشَه” تستقبلنا بعناية كبيرة لا تتناسب مع مكانتنا الحقيقية …
لا تسمح لي الذاكرة بتصنيف جميع رجال القرية ضمن “أعصارهم”، فلم أعد أذكر في أي “عَصر” أصنّف شخصياتٍ بارزةً مثل “مُحمَّدِّن بن مُحمد بابَ” الملقب ب”السَّيّدْ”. كان “محمدن” رجلاً جذَّاباً وخطيباً، وكنت كثيرًا ما أسمع مَن هم حولي يُثنون على ما يتحلَّى به من كرم وإباء …
كما لا أذكر في أي “عصر” يُصَنَّفُ الأخوان: أحمد وعبد الله ابنَا حمدَن، وهما “مرابطان” كبيران كانت لهما سلطة حقيقية على عالَم الأفاعي والعقارب … فالتعاويذُ التي يصنعانِها ضد سمومها كانت تتحدى العِلم والطبَ الحديثَين، ولا تزال هذه المنحةُ الربانيةُ كلمةً باقيةً في عقِبهم حتى يومنا هذا …
في هذه الفترة، كان محمد فال “ببَّها” نائباً في الجمعية الوطنية، في حين كان أخواه الأصغران “أحمد” المعروف ب “احْميدِيت” و”عبدُو” موظفَين في الدولة، وكانوا يأتون القرية في الإجازات وعُطَلِ نهاية الأسبوع …
لقد كان قدوم أحد أبناء القاضي الجليل مناسبةً يتوافد فيها العشرات من كل مكان، طلباً لمختلف الحاجات …
وهكذا، مرَّ العام الدراسي 1963-1964 دون مشاكل، وانتهى بنتائجَ مرضية، وكان ذلك آخرَ عام دراسي لي في “ابير التورس” …
بعدها، انتقلت مع جدّتي إلى مدينة “المذرذرة”، حيث اشترَت منزلَ “الحُسين بن بلال الچُّولِي” مُقابل مائتَي ألفِ افرنكٍ غربِ إفريقي …
وهنا، بدأ فصلٌ جديدٌ وطويلٌ من حياتي الدراسية: البيان رقم 2…
ابير التورس – قريتي الأولى (النص المُترجَم كاملاً)
ترجمه عز الدين بن ڭراي بن أحمد يورَ