حاوره/ الشيخ نوح
في حوار مع صحيفة تقدمي خصصته للفنان التشكيلي الموريتاني صالح لو، أجاب على سؤال افتتاحي حول مشواره الاحترافي بالقول “لقد قمت بأول معرض خاص بأعمالي عام 2012 ، وقبل ذلك كنت شاركت في معارض بالتعاون مع فنانين آخرين، وقررت بعد ذلك الذهاب إلى السنغال في إقامة فنية، ثم نظمت ثلاثة معارض فردية خاصة في الأعوام 2012 2013 و 2016
وتحدث صالح عن أسفاره إلى مناطق أخرى من العالم؛ إثراء لتجربته الإبداعية، وبحثا عن الجديد في مجاله الفني، فزار بلدانا من بينها المغرب وبلدانا أخرى أفريقية أوروبية وآسيوية “لمواصلة بحثي وإقاماتي الفنية، لا سيما في ظل غياب معاهد أو مؤسسات فنية مختصة بالفن التشكيلي في موريتانيا”.
أما فيما يتعلق بالمواضيع التي يتناولها صالح في أعماله، فقد قال إنه يميل إلى المواضيع الحقوقية التي تمس مشاكل المجتمع، وبناه العميقة، مثل العبودية والتمييز ضد المرأة وأطفال الشوارع، إضافة التمازج العرقي والثقافي.
وعرج الفنان صالح لو في الحوار معه، على أهم العقبات التي اعترضت سبيله في تطوير إبداعاته في موريتانيا، والتي لخصها في غياب الوسائل الفنية والتقنية وغياب الأطر التكوينية في المجال، بالإضافة إلى غياب الأدوات ذات الصلة مثل الألوان الضرورية، إلا أنه أكد على وجود القماش، وبشكل أرخص مقارنة بمناطق أخرى في العالم، وعلى توفّر الخشب بشكل أساسي.
وفي إطار حديثه عن سؤال حول طبيعة الجهات الداعمة في مساره، قال لو إن أهم دعم تلقاه خلال مسيرته الفنية كان من طرف أمه، التي شجعته على الاستمرار في شغفه، ودعمته ماديا ومعنويا. ونفي في المقابل أي دعم رسمي للفن التشكيلي في موريتانيا استفاد منه، قبل أن يضيف أنه لا يعرف حتى مقر وزارة الثقافة، مستطردا “أعرف فنانين تشكيليين يمارسون هذا الفن منذ أكثر من عشرين سنة قبلي أو أكثر، ومع ذلك لم ألاحظ يوما أي دعم لجهودهم من قبل الجهات الرسمية أو من وزارة الثقافة على وجه الخصوص”، وتطرق في معرض رده على هذه النقطة إلى أنهم كفنانين تشكيليين ينظمون منذ سنوات مهرجان وفي كل مرة يستدعون وزارة الثقافة، إلا أنها لم تستجب يوما للدعوة “وهو ما جعلنا لا نستمر في العويل على الجانب الرسمي، بل إن الدعم الأساسي إما أجنبي عبر مؤسسات دولية أو عن طريق الموريتانيين المقيمين في الخارج” يقول الفنان لو.
“نعم أنا فنان ملتزم بقضايا الناس ومعضلات المجتمع الذي أعيش فيه، وأعتقد أن الفن في الأساس هو الإصغاء إلى أصوا ت الناس، وإلقاء الضوء على الخلل الاجتماعي. هذا هو دور الفنان والفن” هكذا أجاب صالح لو على سؤال حول ما إذا كان يعتبر نفسه فنانا ملتزما، مؤكدا أنه التقى بأشخاص من ضحايا الاستعباد، وأنه عادة يفضل أن يتمثل بشكل جيد معاناة الناس الذين يجسدهم فنيا، وأنه يجالسهم ويسمع منهم ويجد إلهامه في ذلك، كما قد ينطلق من مواضيع تمسه شخصيا كموضوع التمازج العرقي “فأنا من أبوين ينتميان إلى مجموعتين إثنيتين مختلفتين؛ فأمي بيظانية وابي فلاني، وهذا جعلني أولي هذا الأمر اهتماما خاصا”.
وبشأن تلقي أعماله في المعارض الدولية خارج موريتانيا، قال صالح لو إن الثيمات والمواضيع التي يتناولها، قد لا تكون هي ذاتها الألوية أو المتناولة بالنسبة لسياقات اجتماعية أخرى، إلا أنه عبّر عن ارتياحه لمستوى تلقي الجمهور الخارجي لأعماله، مضيفا “ربما قد لا يرى بعض الناس من خارج موريتانيا في المواضيع التي أتناولها مواضيع تخصهم، ولكنها تلمس وترا حساسا ما لديهم، أو قد تذكّرهم بمشاكل ومعضلات أخرى يعيشونها في بلدانهم. وهذا هو لبّ الفن”.
في سؤال حول علاقته بالمرأة كفنان، قال لو إن المرأة تتجسد كرمز للعطاء ومصدر للإلهام، حيث إن “أول شخص شجعني وأثر في حياتي كانت امرأة، إنها أمي؛ لذلك ترتبط المرأة عندي بهذه الصورة من العطاء والتضحية. المرأة والطبيعة صنوان، فكلاهما يعطي بدون حدود ولا انتظار للعائد المادي”.
وبخصوص نظرته للفن بشكل عام، أجاب لو بأن الفن يكمن في البساطة وزاوية الإلهام، ضاربا المثل بالأثاث الذي كان يحيطنا، والمؤلف بشكل أساسي من مقاعد وكراسي وأشكال فنية بسيطة، مصنوعة من مواد معاد تدوريها، واستدعى صالح روح العمل الجماعي عبر نموذج “دار الفن مساحة للإبداعات ” الجديدة، التي أسسها رفقة فنانة موريتانية ومصورة، بهدف تطوير الفن الموريتاني وإشاعة ثقافة الفن التشكيلي في البلد، بحسب تعبيره.
وعبّر صالح عن ميله شخصيا، في أعماله الفنية ذات الطابع السوريالي والتخييلي، إلى العمل على القماش وبالألوان الزيتية، ، وأكد أنه على استعداد لمعرض قريب
“الفن ليس مربحا هنا بشكل كبير، ولكننا نكسب أحيانا وأحيانا أخرى نفلس، ومع ذلك فما يهم هو الإيمان بالفن والتصميم على المواصلة، رغم أن جائحة كورونا قد أثرت إلى حد ما على المعارض، غير أن المعارض على الفضاء الافتراضي أصبحت تعوض إلى حد كبير عن المعارض في أرض الواقع، على الرغم من إلغاء العديد من النشاطات والمعارض بسبب الجائحة”. أجاب صالح حول سؤال ذي صلة بالموضوع.
في حين أجاب على سؤال أخير حول أهم الفنانين الذين تأثر بهم عالميا، والذين يعتبر فنهم الأقرب إليم، بأن الفنان الأمريكي ذا الأصول الهايتية جان ميشيل باسكيا وكذلك الألماني جيرارد ريتشي هما الأكثر تأثيرا فيه، “وإن كانت أعمال فنانين آخرين تعجبني، وبعضهم موريتاني مثل أعمال الحسين حيدرا، وكذلك تلهمني أعمال الفنان البريطاني مجهول الهوية بانكسي، وآخرين..”.
من لوحات الفنان صالح لو: