#رمضانيات_1🌙 

عز الدين بن ڭرَّاي بن أحمد يورَ

نظم الوالدُ رحمةُ الله عليه سُوَر القرآن الكريم، في قصيدةٍ داليةٍ، مِن بحر البسيط، يصلُ عددُ أبياتِها سِتةً وخمسين بيتاً، على وجه الإفادة والاستشفاء.

وكان أولاً نظم سُوَر حزب “سَبِّحْ اسمْ ربِّكَ” لِوحدها، ثم بعد ذلك أكملَ نظم سُورِ القرآن كله، مع الإشارة بدايةً إلى عددها وهو مائة وأربعَ عشرة، ثم إلى عدد السُور المكية وهو ثلاث وثمانون، فعَدد السور المدنية وهو واحدة وثلاثون، وذلك باستخدام حساب الجُمَل.

وقد استخدم في أولها ما يُعرف عند أهل البلاغة ببراعة الاستهلال، وهي أن يشير المتكلم، في البداية، إشارة لطيفةً إلى ما يُريد الكلام عنه :

ياقارِئاً سُوَرَ القٌرآنِ لا تَحِدِ

ولاترُمْ غيرَ وجهِ الواحِدِ الأحَدِ

فإن تُرِدْ حَصرَها بِالعَدِّ ساطعةً

فَلْتَجعَلَنَّ لها “قيْداً” ولا تَزِدِ

مَكِيُّها رمزُه “فَجٌّ” وللمدنِي

“ألٌّ”كما حررَّتهُ القومُ فِي العَدَدِ

وقد اعتمد في ذكره لسور القرآن أسلوبَ التورية على غرار ما اعتمده، في قصيدة رائيةٍ مُشابهة، شمسُ الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي المتوفى عام 780 هجرية الموافق 1378 ميلادية :

ابدَأ بِفاتحةٍ فَ”البَكْرِِ” مُقتبِساً

مِنْ آلِ عُمرانَ نُوراً دائِمَ المَدَدِ

واخشَ النساءَ ولوْ قدَّمْنَ مائدةً

إنَّ السلامةَ مِن سلمَى لفِي بُعُدِ

وكم لدَى الناسِ فِي الأنعامِ مِنْ نَعَمٍ

والخيلُ أعرافها أمنٌ مِنَ الصَّفَدِ

ثم يُواصل على هذا المنوال حيث يقول في عدة أماكن مِن القصيدة، من غير ترتيب :

والنحلُ مازال ذا نفعٍ وذا ضرَرٍ

فيهِ الشفاءُ ومنهُ اللسْعُ فابْـتَعِدِ

والرُّومُ قد غلبَتْ مِنْ بعدِ مَا غُلِبَتْ

لكنَّ قادتَها للحَقِّ لم تَقُدِ

أقسمتُ بِالنجمِ أنَّ الساعةَ اقترَبَتْ

ياربِّ ياربِّ قوِّمْ بالهُدَى أوَدِي

وسورةُ الحَشْرِ مَن يقرَأ خواتِمَها

يَوماً لِمَغفرةٍ فِي الحِينِ يَسْتَفِدِ

و الِجنُّ جا وفدُها لِلرُّشْدِ مُتَّحِداً

وَاهاً لِوَفْدِ بِنهجِ الرُّشد مُتَّحِدِ

وكما أسلفتُ، فإن آخر القصيدة في الترتيب هو أولها في الزمان، فهذا أول ما نظم منها وهو سُورَ “حزب سبِّح” البالغ عددُها ثمان وعشرون :

سَبِّحْ بغاشيةٍ فالفجرِ والبَلَدِ

والشمسِ والليلِ واسْجُدْ بِالضُّحَى تَسُدِ

إلى أن يقول : 

وكُنْ مُقِيماً علَى الإخلاصِ فِي فَلَقِ

وَالناسَ دَعْ تُكْفَ مِنهُمْ كُلَّ ذِي حَسَدِ

فذي ثمانٌ مع العشرينَ تجمعُها

“سبِّحْ”، فسَبِّحْ بِحَمْدِ الواحِدِ الأحَدِ

ويختم القصيدة بدُعاء تلوح عليه ملامح الاستشفاء، كما أشرتُ له في أول الكلام، مع الصلاة على أشرف الأنبياء والمُرسلين :

يا ربنا ارفَع بجاه الذِّكر رُتبَتَنا

يا مَنْ رفعْتَ السَّما رَفعاً بِلا عَمَدِ

ونَجِّنا مِن عُضالِ الداءِ أجمَعِهِ

ما كان فِي الرأسِ أو فِي القلبِ والكَبِدِ

و صلِّ أسنى صلاةٍ لا نفادَ لَها

وما لَها الدَّهرَ مِن حَدٍّ ولا أمَدِ

علَى الذِي سَبَقَ الأخيارَ قاطبةً

سَبْقَ الجَوادِ اذا اسْتولَى علَى الأمَدِ

تقبل الله صيامنا وصيامكم وقيامنا وقيامكم وضاعف لنا ولكم الأجر، وبارك لنا ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

عز الدين بن ڭرَّاي بن أحمد يورَ