من علياء أكمة الإحباط و نصال اليأس التي تتكسر على النصال، يتسلل إلى دواخلنا أمل جديد بنهاية السفر الطويل إلى صنعاء.. 

فهل هي نهاية أربعة وستين حولاً من التِّيه، و الضرب في عراض البيد، في سير سوانٍ، لم يقطع مدلُجها أرضاً و لم يبقِ ظهرا..؟!

حتى السجناء يربّون الأمل في زنازينهم فلماذا لا نتعلق بقشة.؟. لماذا لانحاول النجاة من تلاطم الأموج ولو  بالركوب على قشرة موز.. 

سنحاول، و سنظل نلهث خلف السراب، إلى أن نزرع البحر و نورقَ النار ويبتلعَ ديناصور الفساد نواجذَه.

حتى الأمل حاولوا قتلَه بمّداهم الباردة.. فكلما تسللت خيوط ضوءه إلى نفوسنا المثخنة بجراح الوعود المخلًفة، خلفوه بسهم من هزيع الليل الأخير..

نعيش بالأمل، ويلعبون بخيبته، و بالكلمة التي تقتل شقيقتها، و الكذبةِ التي تملأ الجراب للمرة المليون..

لا يزال البول يفثأُ الماء، و الشفرة  تُسرِعُ في غُلب رقاب الوطنية.. ولاتزال الذئاب تتقنع وجوه الحملان، و الغني الأحمس الحميت الدحمس يسابق الفقير المتساوك إلى قصعته.. لاتدبير إلا في تدمير.. و لا تفكير غير تفكير الحيوانات في تبنها وعلفها..

دعهم يملأون غدنا وعداً، و سماءنا رعداً.. ويدغدغون أحلامنا بريش نعام، قبل أن نصحو على صفعة الواقع الحنظل…

لن ننتزع الغد ما لم نستعد اليوم لمواكبة اندفاعات العصر الهائلة، ونغذى نمير الحرية و رحيق قيّم الحداثة، و نقدّس الحق العام..

لن ننتزع الغد ما دامت القبيلة تنشب مخالبها في جسد وطن هزيل، وما دام النبل العشائري أولى بالعناية من المادة الرمادية، و القريب أدنى في مجلس سيف الدولة من الغريب، و الفارابي يرتّب عيدانه فيضحكَ ثم يبعثرها يبكي، ومكاحل زرقاء اليمامة يعلوها الصدء فتجحظ مآقيها..

هل سنظل نطارد كرة وهم متدجرحة من قنة سلمى و أجأ؟.. وحين تنبهر أنفاسنا نستسلم لصولة النياشين و الأحذية الخشنة و خراطيم الدبابات العجماوات؟

نحن نستحق كل تغييب للعقل وحجر على الفكر و وصاية على المشاعر.. تماما كما تستحق كلِّ مؤخرة مترهلة أعقاب السجائر التي يطفئونها فيها..

فلنكن.. و لنماطل الموت الذي لا  يصبح أبداً أليفاً، حتى يتأخر عن موعده اليومي.. فكل شيء في هذه الأرض يتأخر عن موعده إلا الموت..

السلام عليكم