الآن، يدور منجنون الزمن الرتيب، و تلد مقربات الأيام أجِدّتها، حيث نطوي أثاث مأمورية لها ما لها وعليها ما عليها، لنشرف من هضبة المجهول على مأمورية أخرى.
لقد أصبح الأمل بدولة القانون منا مناط الثريا بعد أن كان مقعد القابلة، ففي 2007 كنا من انتخاباتها في مبهمة، لا ندري فيها من هو رئيسنا المقبل، و كان النقاش السياسي يتناول كل زوايا أزمة المصير التي تتربص بنا الدوائر، و المرشح ينازل قِرنه في “مناظرة” لا صوت فيها يجهر صوت الكفاءة و الأبهة المنطقية..
بعد 17 عاماً تدحرجت كرة الديمقراطية من عليائها، لتتعاورها الأحذية الخشنة، فتتنزى البلاد على كف سعلاة..
فعلاً، لا تمكن مقارنة سنوات ظل ولد الغزواني بعشرية جمر ولد عبد العزيز.. و لكن هل ينتهي طموحنا عند مجرد “ظل”، حين تتراكض الأمم من حولنا لضرب قبابها في ذرى الجوزاء..
رغم السمات الشخصية التي تميّز الرئيس غزواني، و التي تجعل منه “خياراً آمناً”، إلا أن “الأمن” بمعناه السياسي، تعبيرٌ آخر عن “التغيير في ظل الاستقرار”، و تكريسُ عقلية “النص مع لهنَ زاكي”.. تلك التي تبرر الوجوم أمام السلالم وتقتل روح المبادرة و “أخذ الدنيا غلاباً”.. فلا يمتطي المجد من لم يرقَ صهوةَ خطر…
ينبغي أن تختلف المأمورية المقبلة عن أختها المنصرمة، فلا يتم تحييد الكفاءة في التعيينات، و لا منحُ الثقة على أساس الولاء الشخصي، و لا مجاملةُ الفاسدين.
أحسن ولد الغزواني في محاكمة مفسدي العشرية، و في الاهتمام بالفقراء و المعدمين، و في إرساء علاقات دبلوماسية ناجعة، وإقامة مشاريع اقتصادية طموحة، لكنه لم يوّفق كثيراً حين خارت همته و تثاءب مضاء عزمه أمام الفساد، و واصل ما درج عليه سلفه من التعتيم على ملف “الغاز”، و خنق النفس الديمقراطي بنحر الفعل المعارض بمدية باردة، و تقليصِ هوامش الحرية، و القذفِ في البرلمان بكل أمعة لا يفقه كثيرا في مهمته، و التفرجِ على فساد “القضاء”، و استقالةِ “الإعلام الرسمي” من دوره..
بقية المرشحين كالإبل المائة، لاتكاد توجد فيها راحلة.. ليس من بينهم طرف مضمر لرهان التغيير، فقد عَقَمَت المدرسة السياسية التي تكرّس أحادية الرأي و القرار أن تلد من يصنع النهار ويروّض حَران المستحيل..
الخيار إذن بين إعدامين و ليس بين وجودين..!