قال وزير الخارجية الموريتاني الأسبق محمد فال بلال إن الأزمة الأمنية والسياسية في منطقة الساحل تعود في جوهرها إلى “عيب خلقي في نشأة الدولة”، معتبراً أن المشكلة الأم ليست الإرهاب فحسب، بل في الأساس البنيوي الذي شُيّدت عليه دول المنطقة منذ الاستعمار.

وأوضح ولد بلال، خلال مشاركته في ندوة نظمها مركز الساحل للخبرة والاستشارة، أن الاستعمار الأوروبي أسّس دول الساحل من الجنوب وترك الشمال مهمشاً وصحراوياً، ما خلق قطيعة جغرافية وسوسيوثقافية لا تزال آثارها حاضرة حتى اليوم، مشيراً إلى أن هذا المنشأ التاريخي هو ما ولّد البيئة الحاضنة للأزمات الراهنة.

وأضاف أن دول الساحل لم تنجح حتى الآن في الخروج من هذا المأزق البنيوي، في ظل جغرافيا سياسية جديدة تتطلب وعياً مختلفاً ومقاربة جديدة تعترف بالتغيرات التي طرأت على خريطة النفوذ والسلطة، داعياً إلى حوار وطني شامل يعيد التفكير في المقومات الأساسية للدولة.

وفي ما يخص موريتانيا، قال محمد فال بلال إن الدولة “ولدت من أم رفضتها ووالد بالتبني هو فرنسا”، في إشارة إلى التناقضات التي رافقت نشأة الدولة الوطنية، مضيفاً: “علينا أن نتساءل: هل يكفي النأي بالنفس عن ما يحدث في مالي؟ نحن بجانب الحريق، وعلينا اعتماد سياسة دبلوماسية نشطة تُراعي خصوصية المنطقة”.

كما دعا إلى الدمج بين الدبلوماسية الناعمة، من خلال الروابط الروحية والقبلية، وبناء قوة ردع حقيقية، مشدداً على أهمية مراقبة المناطق الحدودية، خصوصاً خاي، سيلبابي وبوكى، لقطع الطريق أمام انتقال عدوى العنف إليها.

وخلص إلى أن مواجهة التحديات الراهنة في الساحل تتطلب أكثر من مجرد خطط أمنية، بل إعادة تأسيس الدولة على أسس جديدة تأخذ في الاعتبار الواقع الجغرافي والاجتماعي والسياسي للمنطقة.