احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط أول منتدى إفريقي للتبرع وزراعة الأعضاء (FADTO)، برعاية الجمعية الإفريقية لأمراض الكلى (AFRAN)، بمشاركة نخبة من الأطباء والباحثين، وصنّاع القرار، والقيادات الدينية والاجتماعية من مختلف أنحاء القارة. وأسفر هذا اللقاء عن إصدار “إعلان نواكشوط”، الذي يُعد أول وثيقة مرجعية إفريقية شاملة لتأطير التبرع وزراعة الأعضاء وفق مقاربة أخلاقية، عادلة، ومستدامة.
ينطلق الإعلان من واقع صحّي مؤلم تعاني منه القارة، يتمثل في الانتشار المرتفع لأمراض الكلى وصعوبة الحصول على خدمات زراعة الكلى بطرق عادلة وميسورة. وقد أولى الإعلان أولوية خاصة لهذا النوع من الزراعة باعتباره ضرورة ملحّة في مجال الصحة العامة، وركّز على تهيئة بيئة تشريعية ومجتمعية ملائمة لتقديم حلول علاجية تتماشى مع خصوصيات السياق الإفريقي.
يسعى إعلان نواكشوط إلى تقديم خارطة طريق عملية لتوجيه السياسات العمومية الإفريقية في مجال التبرع وزراعة الأعضاء من خلال:
- وضع إفريقيا في قلب المبادرات الدولية الخاصة بزراعة الأعضاء، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والدينية والاجتماعية.
- تعزيز البنية التحتية والتدريب وتنظيم خدمات زراعة الكلى على المستويين الوطني والإقليمي.
- دعم القبول المجتمعي من خلال حملات توعية تراعي الأعراف المحلية.
- توفير بدائل اقتصادية فعالة لتكاليف غسيل الكلى الباهظة، مع إبراز الفوائد الصحية والموازناتية لعمليات الزرع.
- تشجيع التعاون الإفريقي والدولي لتبادل الخبرات والموارد.
- اعتبار المنتدى منصة دبلوماسية لتعزيز الحوكمة الصحية عبر القارة.
اعتمد إعلان نواكشوط على جملة من المبادئ التي تشكل الإطار المرجعي لأي خطة وطنية أو إقليمية:
- الحوكمة والإطار المؤسسي:
- إنشاء هيئات تنظيمية وطنية متخصصة (DTO).
- مكافحة الاتجار غير المشروع بالأعضاء، وتنظيم التبرع من الأحياء والمتوفين.
- إشراك المجتمع المدني وتنسيق الجهود مع الهيئات الصحية الإقليمية والدولية.
- تمكين المتبرعين وضمان العدالة في الوصول:
- تطوير نماذج موافقة تتناسب مع السياقات الثقافية.
- إنشاء سجلات وطنية للمتبرعين والمرضى المحتاجين.
- ضمان استفادة جميع الفئات الاجتماعية من خدمات الزرع، بغضّ النظر عن أوضاعهم الاقتصادية.
- التوعية والقبول المجتمعي:
- التعاون مع القيادات الدينية والتقليدية لكسر الحواجز الثقافية.
- تعبئة الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وتوظيف شهادات المتبرعين والناجين.
- حملات ثقة جماهيرية تبني روح التضامن حول مفهوم التبرع.
- الشراكات والدبلوماسية الصحية:
- دمج ملف الزراعة ضمن أولويات التعاون الإقليمي.
- تطوير اتفاقيات متعددة الأطراف لتنظيم التبرع والزرع.
- إقامة علاقات شراكة مع مراكز تكوين إفريقية وعالمية.
- الابتكار وبناء القدرات:
- الاستثمار في البنية التحتية والخدمات اللوجستية.
- إنشاء مراكز تدريب وابتكار وطنية وإقليمية.
- تعزيز التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، الطب عن بُعد، والروبوتات الطبية.
- منح الأطفال أولوية خاصة في زراعة الأعضاء.
- التمويل المستدام:
- تنويع مصادر التمويل من حكومية وخاصة وشركاء دوليين.
- تنظيم جلسات تشاور حول التمويل الاستراتيجي للتبرع والزرع.
- إدماج زراعة الأعضاء ضمن أطر التغطية الصحية الشاملة.
- العلاجات ما بعد الزرع:
- ضمان توفر الأدوية الأساسية بأسعار مناسبة.
- دعم الإنتاج المحلي لهذه الأدوية.
- إدماج العلاجات ضمن التأمين الصحي والدعم العمومي.
- المتابعة والتقييم والأثر:
- تطوير نظام موحد للمتابعة بمؤشرات صحية واقتصادية.
- مراقبة الأخلاقيات والشفافية ونتائج المرضى.
- إدماج بيانات التبرع والزرع ضمن نظم المعلومات الصحية الوطنية.
واختُتم إعلان نواكشوط بنداء صريح إلى حكومات القارة ومؤسساتها الإقليمية وشركائها الدوليين والمجتمعات المدنية للاتحاد حول أجندة قارية تهدف إلى جعل التبرع وزراعة الأعضاء حقًا صحيًا متاحًا للجميع، وأداة إنقاذ للحياة، ومنظومة متكاملة تعكس سيادة إفريقيا على قراراتها الصحية، بما يخدم كرامة الإنسان الإفريقي وجودته الحياتية.