ترجمة عن المقال الأصلي المنشور في “Kompreno”

في قلب العاصمة الموريتانية نواكشوط، حيث يلتقي التاريخ بالحداثة، يكشف مشهد موسيقى الهيب هوب عن واقع اجتماعي معقد. تقتصر روابط الشباب من المناطق الفقيرة، الذين ينتمون إلى مجموعات عرقية مهمشة مثل الفولان والسونينكي، على هذا النوع الموسيقي العصري، الذي أصبح بالنسبة لهم أكثر من مجرد فن، بل مهنة ووسيلة للتمرد الاجتماعي. هؤلاء الشباب يرون في الهيب هوب أداة للتمثيل والتعبير عن معاناتهم وتطلعاتهم.

“نحن لا نعتبره تقليدًا، بل هو مهنة. ونحن عازمون على جعلها وسيلة لتغيير واقعنا”، كما قال ميكي ديالو، الرئيس الحالي لجمعية “ثقافة حضرية”، والذي كان في وقت سابق مغني راب معروف. من بين أهم مشروعاته الحالية، إنشاء “بيت الثقافة الحضرية”، الذي سيكون مركزًا يتجمع فيه الفنانون والمبدعون لمشاركة أعمالهم ودعم بعضهم البعض.

في حديثه عن التحديات التي يواجهها هؤلاء الفنانون، أضاف ديالو: “هنا في نواكشوط 2، حيث توجد الفقر، نكافح من أجل الحصول على الموارد. أحيانًا أذهب إلى نواكشوط 1 حيث المال، ولكنني لا أجد نفسي هناك. مع شعري المجعد وحذائي الرياضي، أشعر أنني لست في مكاني”.

تستمر الأغاني في توفير صوت مهم للجماهير، خاصة تلك التي تنحدر من طبقات اجتماعية هشة، مثل الحراطين الذين يعتبرون من نسل العبيد السابقين. هذه المجموعات العرقية، التي لا تزال على هامش المجتمع، تجد في الهيب هوب ملاذًا لإيصال رسائلها عن الفقر، التهميش، والمساواة.

نفيسة بابا شياخ، مغنية ومؤسسة في مجال الموسيقى التقليدية الموريتانية، التي تنتمي إلى مجموعة “إيكاون” ، تعبر عن أهمية الموسيقى في الوعي الاجتماعي والسياسي. تقول: “الموسيقى هي سلاح ضد الجهل. في موريتانيا، لا توجد أرشيفات تاريخية، لكن الأغاني هي الذاكرة الوحيدة التي نملكها. هي من تحافظ على ذاكرة الأحداث الوطنية التي لا تحظى بالاهتمام الكافي، مثل الحرب مع السنغال عام 1989.”

وبالنسبة لها، لا يقتصر دور الموسيقى على الترفيه فقط، بل تتعداه إلى توعية المجتمع حول قضايا الصحة والمساواة.

 “من خلال أغاني مثل تلك التي تتناول فيروس نقص المناعة (الإيدز)، نستطيع تعليم الناس حول خطورته”، كما أضافت.

الموسيقى التقليدية الموريتانية، التي كانت تاريخيًا وسيلة لتمرير الرسائل الاجتماعية، تقابل اليوم موسيقى الهيب هوب التي تتناغم مع تطلعات الشباب المعاصر وتفتح لهم نافذة على التعبير الاجتماعي والسياسي.

وفي مجتمع ما يزال يعاني من التفرقة الطبقية والعرقية، تبقى الموسيقى، بكل أنواعها، أداة مهمة لمقاومة الجهل والتمييز، بينما تظل التحديات أمام هؤلاء الفنانين كبيرة في مواجهة قوى اجتماعية تقليدية لا تزال تحكم مسار الأحداث في البلاد.

المصدر: ترجمة عن المقال الأصلي المنشور في “Kompreno”