تعيش مالي على وقع أزمة مالية خانقة تنذر باضطرابات خطيرة في قطاع الطاقة، بعد أن بلغ دينها تجاه شركة إدارة مانانتالي (SOGEM) حوالي 94 مليون دولار أمريكي، ما يعادل أكثر من 54 مليار فرنك إفريقي، وفقًا لما كشفته وثيقة رسمية حسب وكالة رويترز.

هذا الدين الهائل بات يُهدّد استمرارية تشغيل سد مانانتالي الكهرومائي، أحد أعمدة البنية التحتية الإقليمية الذي يزوّد مالي والسنغال وموريتانيا بالكهرباء منذ عام 2002.

وبحسب رسالة رسمية مؤرخة بـ25 أبريل 2025، وجهتها SOGEM إلى المدير العام لشركة كهرباء مالي، فإن هذا الدين لم يعد مجرد مسألة مالية، بل “قضية حياة أو موت” بالنسبة لمرافق الشركة وسير عمل السد.  وجاء في الرسالة، الموقعة من المدير العام لـSOGEM محمد محمود سيد الأمين، أن باماكو متأخرة في سداد مبلغ “ضخم يتجاوز 54 مليار فرنك إفريقي”، ما يجعل الوضع الراهن بالغ الخطورة.

من جهتها، أقرت شركة كهرباء مالي رسميًا بتراكم 43.8 مليار فرنك إفريقي من الديون لصالح SOGEM، إلى جانب 11.9 مليار فرنك إفريقي مستحقة لجهة أخرى معنية بصيانة وتشغيل السد. وبررت الشركة هذا التأخر بـ”تأخيرات كبيرة” طالت مشروعات SOGEM وسدود أخرى، وهو ما انعكس سلبًا على قدرة البلاد على تلبية احتياجاتها من الطاقة.

وتشير الشركة إلى أنها اضطرت للتعويض عن هذا العجز بوسائل مكلفة، أبرزها استئجار مولدات كهربائية من شركات خاصة، ما زاد من الأعباء المالية وفاقم الأزمة. ويأتي ذلك في وقت يعيش فيه المواطنون الماليون انقطاعات متكررة للكهرباء، ما أسهم في تآكل الثقة الشعبية بالحكومة العسكرية التي وصلت إلى السلطة بعد انقلابي 2020 و2021.

يُعد مشروع سد مانانتالي رمزًا للتكامل الإقليمي في غرب إفريقيا، إذ تطلب إنشاؤه استثمارات ضخمة بمئات المليارات من الفرنكات، ويُوفّر ما يصل إلى 200 ميغاوات من الطاقة، يذهب أكثر من نصفها لتلبية الطلب المحلي في مالي. ومع ذلك، فإن تدهور الأوضاع المالية يهدّد اليوم هذا الإنجاز الطاقوي، ويضع مستقبل الطاقة في البلاد والمنطقة بأسرها على المحك.

وفي ظل غياب خطة إنقاذ واضحة، تظل مالي عالقة بين سندان الديون ومطرقة الظلام.