في معرض رده على ”سؤال جوال“ حول ملاحظاته على مسار ملف العشرية، الذي يتهم فيه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز و بعض رجال نظامه، قال النائب البرلماني و الخبير الاقتصادي و القيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية يحي ولد الوقف ما نصه:
مر الملف المرتبط بتقرير اللجنة البرلمانية بمراحل ثلاث: كانت المرحلة الأولى عبارة عن إبداء بعض النواب لرغبتهم في إنشاء لجنة برلمانية، للتحقيق في بعض الملفات، وفي المرحلة الموالية وقع شبه إجماع على تشكيل لجنة وتحديد ملفات معينة، محدودة بطبيعة الحال، من أجل التحقيق فيها، وقد تميز عمل هذه اللجنة التي تشكلت من مختلف الأطياف السياسية، والتي استمر عملها لستة أشهر، بأنه كان كله توافقياً وكذلك تقريرها النهائي، وهذا مما يندر في أعمال اللجان البرلمانية.
كما صادقت الجمعية العامة على هذا التقرير بالإجماع؛ عند تقديمه.
فهو إذن ملف مجمع عليه على مستوى المؤسسة التشريعة.
وقد تركز المحتوى العام للتقرير على ثلاث نقاط أساسية هي:
– مراعاة القوانين والنظم المعمول بها، أي هل تم احترام هذه النظم والقوانين خلال تنفيذ هذه المشاريع أو الصفقات التي شملها التحقيق؟
– هل تم تنفيذ هذه المشاريع والصفقات بالفعل أم لا؟..
– وهل تمت مراعاة المصلحة العمومية في هذه الملفات سواء على مستوى الأولويات أو على مستوى الفعالية بالنسبة للتنفيذ واحترام النصوص القانونية.
وقد أعطت اللجنة البرلمانية رأيها في كل ملف على حدة، وتبين أن جميع هذه الملفات تحتوي على خروقات كبيرة على مستوى النظم والقوانين المعمول بها لاسيما مايتعلق منها بالصفقات، وتم توضيح ذلك كله في التقرير.
وقد انتهى دور لجنة التحقيق البرلمانية هنا وبتوصية منها اتخذت الجمعية العامة قرارا بإحالة الملفات إلى القضاء.
إذن، كانت هذه هي المرحلة التشريعية وقد كانت مرحلة إجماع على جميع المستويات رغم اختلاف الطيف السياسي.
وقد توقف دور البرلمان عند إحالة الملف للقضاء وأصبحنا مجرد مُلاحظين مثل الجميع. ورأيي الشخصي أنه عندما تحال الملفات إلى القضاء فإنه من الأفضل للسياسيين أن يتحفظوا من الخوض فيها، لأن القضاء هو الوحيد المخول لأن يدين أو يبريء.
وأرى بأن القضاء في هذه الفترة بالخصوص مستقل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية خاصة في تعامله مع هذا الملف، وذلك بسبب النهج الذي تبناه الرئيس الحالي في فصل السلطات واستقلالها في مهامها، ونحن في السلطة التشريعية قد لمسنا ذلك بالفعل؛ حيث مارسنا صلاحياتنا بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية وهذا شيء جديد علينا.
وكان الأساسي في الملف -حسب رأيي الشخصي- هو تبييض الأموال والثراء غير المبرر،لأن القضاء غير متخصص في الأخطاء التسيرية، وقد كان قانون 2016 واضحا في ما يتعلق بتبييض الأموال والثراء غير المبرر.
صحيح أنني صرحت سابقا -حسب فهمي للدستور الموريتاني- أن الهيئة الوحيدة المختصة في محاكمة رئيس الجمهورية في ممارسته لمهامه هي المحكمة السامية وهذا وارد في الدستور الموريتاني، لكن بالنسبة لملف اللجنة البرلمانية فإن جميع الملفات المحالة للعدالة لاترتبط بممارساته لمهمته كرئيس للجمهورية، وإذا ارتكب رئيس الجمهورية أخطاء خارج مهامه التي منحه الدستور فإنه يصبح كأي مواطن عادي ولذلك يحاكم من خلال القضاء العادي، وهذا الملف اليوم غير مرتبط بالمادة 93 من الدستور لأنه غير مرتبط بأداء رئيس الجمهورية لمهامه، بل هي مخالفات خارج هذه المهام.
وتتباين الآراء القانونية حول المادة 93 فيرى البعض أنها تطبق على الرئيس خلال مأموريته من أجل الحفاظ على قدرته على تسيير الدولة، وأنه بمجرد انتهاء فترة رئاسته تصبح محاكمته من تخصص القضاء العادي.
ولكن مما لاخلاف فيه أنه إذا كانت المخالفات لاتتعلق به كرئيس للجمهورية ولا بمهامه كرئيس بل كفرد فإنه يحال للقضاء العادي وهذا هو حال ملف الرئيس السابق اليوم.